[ تندرج هذه القصيدة ضمن ملف " الموجة الجديدة في الشعر السوري ( أثر الحرب )" الذي ستقوم جدلية بنشره على مدار الأسبوعين القادمين]
تعالي يا حبيبتي
لنستمع لأزيز السكاكين
في الشوارع ونرتجف.
تعالي
لأقصَّ عليكِ قصة شابٍّ
نام ليلة مع ظله
فأنجب وطناً من العتمة.
تعالي لأخبركِ
عن الشاب البعيد الذي شاهد
مقطعاً مسجلاً في "دمشق"
فقط ليسمع أبواق السيارات
ويقرأ اللوحات الإعلانية
وكيف أن آخر سيارة مرت (بالفيديو)
دهسته ..!
عن الشاب الذي جلس على حافة النهر
و رمى حجارة وحدته على الانعكاس
فقتل عصفوراً وعشر حبات تين.
الشاب الذي جرح رأسه
كان يريد أن يصطاد غيمة لحبيبته التي
تحب المطر
ولم يكن يعلم أنه كسر نافذة الله ..!
عن الأطفال الذين يبيعون المناديل
في شوارع (اسطنبول)
وكيف يلتحفون آخر منديل وينامون على
الرصيف
فيموت المستقبل من البرد..!
عن أنين الأحلام في جوازات السفر
و جثثها المزروعة على جانبي
(أوتستراد) الحرب
تعالي يا حبيبتي
لأقص عليكِ قصة الشاب الذي
نام مئة و ثمانين ليلة مع الوحدة
فأنجب ظلاً
يرمي قلبه بالحجارة
فيقتل غيمة
و يسقط الحلم في النهر ..!
هذه القصيدة منزلنا المؤلف من
طابقين و ثمانية أسطر
الطابق الأول..
السطر الأول :
أنا على الأريكة أتابع الأخبار
و أنتِ تمسحين غبار قصائدي
المكدَّسة على الطاولة.
السطر الثاني :
أنتِ أمام المرآة تُعدّين قبلة
ال ( تصبح على خير )
و أنا على السرير أدخن سيجارة اليوم الأخيرة
و أعد كم فراشة وقعت في شباك
عنكبوت السقف الكهل.
السطر الثالث :
نتشاجر
فتقتلين ثلاث قصائد
لا ذنب لها سوى أصابعي
و أحطم المزهرية الرخيصة التي
أهدانا إياها والدكِ
فقط لأنني لا أحبه.
السطر الرابع :
تمسكين صنارة الصوف
و تحيكين سترة لحلمنا الذي يرتجف.
أنا
أتحسس جيبي المثقوب
و أتنفس الرطوبة التي
أكلت قلبينا.
الطابق الثاني ..
السطر الأول :
تمررين أصابعكِ على خدي
و تقلِّبين صفحات ألبوم الصور،
أنا
أترك شفتّي على راحة يدكِ
و أراقب تشققات الجدار
و كيف تسرق أسراب النمل
قمح الحياة بسلاسة.
السطر الثاني :
تضحكين بصوت مرتفع
و أنتِ تتابعين فِلماً ل (شارلي شابلن )
أضمكِ من الخلف وأهمس
حتى الضحك هنا
يجب أن يكون بصمتٍ أكبر
يا حبيبتي
السطر الثالث :
صفير عالٍ جداً
و جميع الأسطر
تهتز
السطر الرابع :
أنتِ تحفرين قبراً من الغبار
لقصائدي
و أنا على الأريكة
أنتظر اسمينا
على شريط الأخبار العاجلة ..!
يوماً ما
يوماً ما
سأختلق خلافاً بين قصائدي
وسأكون قائداً ميدانيّاً.
وكما يفعل الجميع سأسحب اسم حبيبتي
للخطوط الخلفية،
أشعل فتيل البداية بقصيدة مذبوحة من الفريق الأول،
ثم أترك في سطرها الخامس سكيناً
ببصمات تدل على الفريق الآخر.
سينتقمون و سأضحك كثيراً.
لن يكون هناك أية تدخلات خارجية.
إحدى القصائد التي تتقدم
تملك مدفعية !
و ( بووووف )
جلبة عارمة لدى الفريق الخصم .
الكثير من الغبار
وقصيدة فقدت صورة شعرية.
لن يهدأ تبادل الرصاص عند نقاط التماس .
سأترك القصائد بلا مشافٍ ينزفن حتى الموت
و أضحك.
القصائد التي كُتبت لـ " أمي " ستحاول وقف النزيف
وسأبعدها ثم أكتب للطرف الأول (طائرة )
و للثاني (مضاد للطيران)
ثم أضحك على الخسارات التي تكبر أمامي..!
يوماً ما
في الصفحة الأولى من الصحف اليومية
صورة لي
و"بالخط العريض"
جريمة مروِّعة ارتكبتها قصيدة
شاب مليء بالغبار
فقد يده بشظية
وعلى جسده المسطَّر مئات الرصاصات
وسكين بقبضة ملوثة بالحبر
مغروسة في سطره الخامس ..!